في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي
في رحاب الملحون المغاربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
في رحاب الملحون المغاربي

في رحاب الملحون المغاربي

 الشعر المغربي العربي الملحون (تابع) إهداء إلى الكاتب المغربي والصديق الأستاذ حسن قرى /// الباحث الأستاذ محمد بوعابد Screen69

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشعر المغربي العربي الملحون (تابع) إهداء إلى الكاتب المغربي والصديق الأستاذ حسن قرى /// الباحث الأستاذ محمد بوعابد

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

وحي القلم


عضو جدير بالاحترام
عضو جدير بالاحترام

 الشعر المغربي العربي الملحون (تابع)
إهداء إلى الكاتب المغربي والصديق الأستاذ حسن قرى
  متى وأين ابتدأ هذا الشعر:
في الحقيقة يتفق المهتمون بهذا الشعر المغربي العربي الملحون على أنه قد عرف انطلاقته الأولى في واحات تافيلالت، وذلك منذ ما يقرب من ستة قرون فأكثر. ويضيفون أنه شرع يتطور على أيدي الشعراء الشيوخ في مدينة البهجة مراكش، ثم ما انفك ينتشر في مختلف المدن المغربية التقليدية كفاس ومكناس وتارودانت وأزمور، حيث  بلغ أعلى درجات الترقي خلال ما سمي (صابة الملحون)، وهي الفترة التي ظهر فيها شعراء شيوخ أسهموا في تطوير هذا الشعر وإثرائه أشكالا ومضامين. ولعل ذلك ما عمل الشاعر الشيخ أحمد سهوم على أن يبرزه في قوله:
(( هاذ الملحون زاد في سجلماسة***واللي نشؤوه كلهم ناس دراوش
أنشا بين الجريد علا وعسى***يكبر بين الجريد يبدا ينتاعش
ودرك ما راد فالترابي وتواسى***حيث تربى ترابي لفشاوش
رباتو لالة البهجة بكياسة***واصبح بين الفنون يفخر ويفايش
وفضل هاذ البلاد ما كيتناسى***عند ناس الفن من مضى واللي عايش
حياك الله يا مدينة مراكش))
ويجد الباحثون والمهتمون بهذا الشعر المغربي العربي الملحون في الشعراء الشيوخ الذين ظهروا في منطقة تافيلالت: نعني (مولاي الشاد) و(عبد الله بن احساين) ثم (الحاج اعمارة) و(محمد بن عبد الله بن احساين)، ما به يطرحون رأيهم ويؤكدون تصورهم في كون هذا النمط من القول الشعري كان قد نشأ في تافيلالت التي تقع جغرافيا في الجنوب الشرقي من المغرب، والتي كانت منطقة حضرية ومعبرا للقوافل التجارية صوب الصحراء الكبرى وما يليها من الأصقاع الإفريقية ما وراء هذه الصحراء الكبرى. إذ يبرزون من خلال ذكرهم لأسماء هؤلاء الشيوخ الفيلاليين، مع من تلاهم وساهم في تطوير تجربة القول الشعري الملحون موضوعات وأشكالا، ومن خلال كذلك الاستشهاد بما توصلوا به من أشعارهم، رغما عن قلة النصوص العائدة لما اعتبروه بداية، فيؤكدون أن هذا الشعر الملحون ما ابتدأ إلا في سجلماسة. والحال أننا لا نقاسمهم هذا التصور، وذلك لأننا نتصور أن المنطق والتاريخ لا يتقبل أن يولد شكل إبداعي ما ويتطور في مدة زمنية قصيرة. فنحن نرى أن للملحون، بما أنه شعر وغناء، أصولا وأسلافا ينتسب إليهم. وفي شجرة أسلافه، التي نجد دلائل عليها في متونه وقواعده، ما يعود به إلى الشعر العربي المعرب العمودي، وإلى الموشحات الأندلسية، ثم إلى الأزجال التي ظهرت بعد ذلك في الغرب والشرق الإسلاميين. فما يبرهن على اتصال الملحون بالشعر الجاهلي مثلا هو (قصائد المرسم) التي تذكر أجواؤها المتلقي بما يتوفر في مقدمات المعلقات من وقوف على الطلل (المرسم)، ومن حديث عن غياب الأحبة وظعنهم بعيدا. فالشاعر الشيخ يقف متحدثا إلى المرسم الذي كان فيه أحبابه، ويحاوره، ولنلاحظ كيف لا يكتفي الشيخ الكندوز بالوقوف ومحاورة المرسم على غرار أسلافه وإمامهم امرئ القيس، بل يذكر ما يبرز ارتباطه بالشعر العربي القديم، وذلك حين يشبه حاله بحال الشعراء العذريين، فهو يقول:
(( وهو يا سيدي كم لي يا المرسم بجدارك كنهوم
فعسى اتوڴ منك عذرا********من لا تشبه لها عذرا
حالي يشابه بني عذرة
نهوى ابها ابدورك********جيت انزورك********اصدفت جورك
يا المرسم حن من اعذابي
هادي مدة اشحال وانا تايه مفقود بين صور اجدارك واسواره
ما اڴواني صبار
جيتك يا رسم الباهيات صبتك حاجب البدور
حجبتهم عني ؤشوقهم زاد لقلبي ناره 
ما اڴواني صبار))
علاوة على توفر موضوعة (المرسم أي الوقوف على الأطلال)، ثمة العديد من الموضوعات التي تطرق لها الشعراء قديما، وثمة كذلك الشكل الفني الموسيقي المتمثل في اعتماد البناء العمودي الذي ظلت القصيدة العربية تسير عليها منذ الزمن الجاهلي. ويتكشف ارتباط الشعر المغربي العربي الملحون بالتجربة الشعرية العربية التي خاضها عرب الغرب الإسلامي من خلال تناول موضوعات الطبيعة (الربيعيات، الشمس أو الذهبية، الليل أو الديجور...)، كما من خلال التشابه على مستوى الأشكال الفنية وتقارب الصيغ العروضية، فبعض الأشكال شبيهة إلى حد بعيد بالشعر العمودي كما تمت الإشارة إلى ذلك سلفا، وأخرى تتقاطع مع الموشح الأندلسي، ومع الأشكال التي اتخذها شعراء الزجل في بلاد الأندلس والمشرق. ويكفي في حسباننا أن نلتفت بالتأمل إلى ما أتى به د.عباس الجراري في الصفحة 19 من (ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي)، وهي هذه الأبيات التي قالها عبد الله بن احساين:
(( نبدا باسم الله انظامي يا اللي ابغا "لوزان"***لوزان خير لي أنايا من قول"كان حتى كان"
ربي الهمني نمدح خير لشراف يا لخوان***بـ"الشعر السليس"الفايز هو ايكون لي عوان
حتى انقول ما قالوا عشاق النبي افكل زمان***ونكون "افلقريض الملحون" أنا المادحو حسان))
لنسجل أن الشاعر الشيخ عبد الله بن احساين يذكر ما ساد من الأشكال الفنية للقول الشعري الزجلي في زمنه مشرقا ومغربا، ولنركز بخاصة على ذكره "كان حتى كان"، وهو لون من ألوان القول الشعري التي جاء بنماذج منها شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي (ت850هـ) في مصنفه الشهير بعنوان: "المستطرف في كل فن مستظرف"، وبالضبط في الفصول التي شكل منها الباب الثاني والسبعين. تهمنا الإشارة من بينها إلى: (الموشحات، والزجل)، فهذان الفنان مما أبدع فيه الشعراء في الغرب الإسلامي، حتى لقد تفوقوا على نظرائهم في المشرق بحسب ما سجله ابن خلدون في "المقدمة"، وإلى جانبهما يوجد (كان كان) المذكورة من قبل ابن احساين، أما (المواليا، والدوبيت، والقوما، والحماق) فلا نجد بين أيدينا ما يكشف لنا تعرف أسلافنا المغاربة وتعاطيهم القول الشعري وفق قواعدها. 
وهكذا، فإننا نرى، انطلاقا من تأملنا في ما دونه ابن خلدون، واستنادا إلى ما سجله الباحثون المغاربة السالف ذكر بعضهم، أن الشعر المغربي العربي الملحون إنما هو وليد التطور الذي حصل على مستوى اللغة العربية من جهة أولى، ومن جهة أخرى هو نتاج لتجذر الشعر العربي في تربة الغرب الإسلامي ( المغرب وبلاد الأندلس ). إذ يتجلى لنا، اعتمادا على كل المعطيات اللغوية والأدبية الواردة عند من ذكرناهم، كيف أن العرب الوافدين على هذه الديار حملوا معهم لهجاتهم وما ورثوه من الأشكال الفنية والشعرية، وكيف أن أبناءهم لبثوا زمنا يتعثرون في إنتاج القصيدة المساوية إبداعيا لما أنتجه أهل المشرق، إلى أن ظهر ثلة من الشعراء الكبار في بلاد الأندلس والمغرب، نذكر منهم على وجه الخصوص: ابن زيدون، والمعتمد بن عباد، وابن خفاجة، والجراوي، والأمير أبو الربيع سليمان... فقد استطاع هؤلاء، ومن هم في مستواهم، أن يطوعوا اللغة العربية لتؤدي الأغراض الشعرية التقليدية التي ورثوها عن أسلافهم من الشعراء المشارقة. ولقد تمكنوا كذلك من أن يبدعوا بواسطتها في أغراض فنية استحدثوها وعلى رأسها وصف الطبيعة، وفي أشكال فنية أبتدعوها هي بالأساس فنون التواشيح والأزجال... ولعل من خلال هذا الذي بسطناه يتأكد ما ادعيناه من أن الشعر ينجم عن الشعر، ففي اعتقادنا أن الشعر الملحون قد تولد عما عرفه الشعر العربي في بلاد الغرب الإسلامي من تطورات نبرزها باختصار كما يلي: ورد الشعر العربي العمودي مع القبائل العربية فاستقبلته شعوب الغرب الإسلامي وسارت على نهجه، وإذ برز من أهم شعرائها من كانوا ينتمون إلى بلاد الأندلس فقد تمكن هؤلاء من تفتيق قرائحهم عن موضوعات جديدة، ثم تبلورت ذائقتهم الشعرية فأنتجت شكلا شعريا جمع بين الموروث الشعري العربي وبين ما تم الانفتاح عليه واستضماره من أشكال فنية محلية إيبيرية سمي "الموشح" ، ثم برز على أيدي من تبع هؤلاء ذلك النمط من الشعر الذي اختيرت له تسمية "الزجل" تمييزا له عن سلفيه (القصيدة العمودية الخاضعة للقواعد) و(الموشح الجامع بين اللسانين المعرب المقعد والملحون). ويظهر من خلال ما سلف للعلامة ابن خلدون أن سجله في "المقدمة" أن الشعر المغربي الملحون قد نجم عن ما عرفته التجربة الشعرية في هذا المدى الحضري الحضاري، إذ يذكر ابن خلدون أن المغاربة استحسنوا الطريقة التي اعتمدها في القول الشعري أحد الشعراء الأندلسيين كان قد قدم عليهم، وأطلقوا عليها اسم "عروض البلد"، ثم برز من بينهم زجالون يذكر منهم بعض من ظهر في الزمن الموحدي كابن غرلة الذي سجل بصدده ابن حجة الحموي أنه كان يبدع في الزجل كما في الموشح، وذكر له في مؤلفه الشهير(( بلوغ الأمل في فن الزجل)) بيتا من موشحته التي كانت سبب اغتياله من طرف عبد المومن بن علي الكومي، كما ذكر العلامة ابن خلدون البعض ممن قال زجلا في العصر المريني (الكفيف الزرهوني) صاحب "الملعبة"، و(ابن شجاع التازي) وغيرهما... ونزعم أن عن هؤلاء أخذ أوائل شعراء الملحون ممن ظهر في العصر السعدي... معتمدنا في هذا الادعاء ما يمكن أن نفهمه مترتبا عن الملاحظة التي سجلها ابن حجة الحموي في مؤلفه المشار إليه أعلاه، فقد تحدث عن ظهور أشكال شعرية تم فيها التوسل باللسان العربي المقعد والملحون (الموشحات)، وأخرى تم فيها الإخلاص للسان العربي الملحون وهي: (الزجل، المواليا، الكان كان)، فبخصوص الصلات بين الموشح والزجل يقول ابن حجة: (...وكأنهم ألحقوا الزجل بالموشح من طريق إعراب بعضه وألحقوا بالموشح الزجل لما أظهروا اللحن في بعض ألفاظه، فمن الموشحات المزنمة التي نظمها ابن غرلة المغربي المشار إليه الموشحة التي قتل بسببها لأنه شبب فيها بذكر أخت عبد المؤمن الموحدي، ولم يكتم غرامه وهيمانه بها، بل صرح بالاجتماع بها، والواقعة مشهورة، وكانت هي أيضاً جميلة الخلق فصيحة اللسان تنظم الأزجال الرائعة الفايقة ومطلع الموشح قوله:
((من يصيد صيدا، فليكن كما صيدي***صيدي لغزالة من مراتع الأسد
كيف لا أصول**********واقتنصت وحشية
ظبية تجول**********في ردا سوسية
صاغها الجليل**********فهي شبه حورية
تنثني رويدا إذ تميس في البردي***تعجن الغلالة والردى مع النهدي
رب ذات ليلة**********زرتها وقد نامت
والرقيب في غفلة**********والنجوم قد مالت
رمت منها قبلة**********عند ضمها قالت
قر قر واهدا لا تكون متعدي***تكسر النبالة وتفرط العقدي)) 
ويبدو من خلال هذا النموذج الشعري كيف اجتمع اللسانان العربيان المقعد والملحون، وهو ما يمكن التوفر على نماذج أخرى له، كما في أشعار بعض أهل التصوف الذين ظهروا في الزمن الموحدي المتأخر، والذين نذكر منهم أبا الحسن الششتري الذي اجتمعت في أشهر زجلياته المعنونة ((شويخ من أرض مكناس)) لهجات متعددة: (الأندلسية والطرابلسية والشامية والمغربية)، ففي هذه القصيدة الزجلية يخلط الششتري اللسان المقعد مع اللسان الملحون، ويعتمد النظام العروضي العمودي كما هو متبع في القصيد والموشح، ونقدم المقتطف التالي مثالا على ذلك، يقول[الديوان ص317]:
((شويخ من أرض مكناس===وسط الأسواق يغني
أش علي من الناس===وأش على الناس مني
أش علي يا صاحب==من جميع الخلائق
إفعل الخير تنجو==واتبع أهل الحقائق
لا تقل يا ابني كلمة==إلا إن كنت صادق
خذ كلامي في قرطاس===واكتبو حرز عني
أش علي من الناس===وأش على الناس مني))
ولنلاحظ كيف أن الششتري ، الذي عاش في ظل الدولة الموحدية ما بين 610هــ و668هــ، لم يكتف بأن جعل أزجاله تجمع اللهجات التي كانت متداولة بالمغرب والأندلس، بل جاء ديوانه متكونا من: قصائد عرفانية، وموشحات وجدانية، وأزجال ذوقية. وكأنه يؤشر بذلك على أن الشعر العربي في البلاد التي كانت تسمى حينئذ "الغرب الإسلامي" يسير في اتجاه تبني الزجل وسيلة في التعبير الفني. ونفترض أن انتشار التعريب اللساني بين ساكنة المغرب بفعل توافد القبائل العربية على هذه البلاد، والتحاق الموريسكيين من بلاد الأندلس، مع حمل هؤلاء وأولئك لموروثهم الثقافي والفني، كل ذلك أفضى إلى اتخاذ فن الزجل أهم وسيلة في التعبير الشعري. وبتجذر هذا الفن في التربة الثقافية والفنية المغربية، وبالأساس في المدن العريقة، سيعيش مراحل تطوره بدء من العهد المريني، مرورا بالعهد السعدي، وصولا حتى العصر العلوي الذي سيعرف خلاله أزهى مراحله التي أطلق عليها أهل هذا الفن الشعري والطربي اصطلاح (صابة لشياخ(2))، إذ ظهر خلال هذه المرحلة شعراء شيوخ متميزون، تمكنوا من بلورة موضوعات جديدة ومن اتخاذ أشكال فنية لم يسبقوا إليها، يأتي على رأسهم الشيوخ الجيلالي امثيرد، والتهامي المدغري، وعبد القادر العلمي... 
كل ملحون زجل، وليس كل زجل ملحونا: 
ويبدو أننا في الفترة الحالية أضحينا نكاد نجمع على إطلاق تسمية "الزجل" على كل شعر يتوسل أصحابه في كتابته باللسان المغربي العربي الدارج، وإن كان أسلافنا في المغرب القديم قد اصطلحوا على تسمية هذه الألوان من القول الشعري بلفظ"الشعر الملحون" في مقابل "الشعر المعرب". كما غدا لفظ "الزجال" يطلق عندنا على من يكتب الشعر المتوسل باللسان العربي المغربي الدارج، مع أنه واضح من خلال ما سبقت الإشارة إليه أن أسلافنا كانوا قد اصطلحوا على تسمية الشعراء المبدعين للقصيدة الملحونة باسم "الشيوخ". والحال أن لفظ "الزجل" قد تم إطلاقه منذ المرحلة الأندلسية على شكل من أشكال القول الشعري المتوسل باللسان العربي الدارج برع فيه الشاعر الأندلسي الكبير ابن قزمان، ولما انتقل هذا النمط من القول الشعري إلى المغرب وأعجب به المغاربة ساروا على نهج فطاحله، بحيث تمكنوا من ابتداع شكل خاص بهم سموه في البدء "الملعبة"، وكانوا قد أطلقوا عليه من قبل اسم "عروض البلد"، ولما غدا هو القول الشعري العربي المغربي القوي الانتشار في حواضرهم أطلقوا عليه عددا من الأسماء نذكر منها ( الشعر/ النظام/ القريض/ الكلام/ العلم الموهوب...)، لكن يبقى أهمها وأشهرها وأكثرها تداولا هو"الملحون". ونسجل أن قصائد الشعر الملحون تندرج ضمن "الزجل" بمفهومه العام الذي يعني كل شعر اتخذ اللسان الدارج، دون أن يعني هذا أنها تضارع ما هو معروف من أزجال تسمى (العيطة) مثلا أو غيرها من القطع الشعرية الزجلة التي يمكن إدراجها ضمن خانة الفلكلور غير المعروف الصاحب، وذلك لأن قصائد الشعر الملحون تمتاز بكون أصحابها يوقعونها، فيذكرون أسماءهم أو يرمزون لها بما يقابلها من الرموز والأعداد وفقا لحساب الجمل. فعلى سبيل المثال، يسجل سلفنا الحاج محمد بن عمر الملحوني اسمه في ختام قصائده ما به يؤكد مسؤوليته الأدبية على ما أورد فيها، غير أنه بدل ذكر اسمه بالكامل يعمد إلى تدوين واحدة من الصيغتين التاليتين: (واسمي بمن (ب=2+م=40+ن=50) = محمد)أو (واسمي جوج ؤتسعين = محمد). وتسجيل اسم الشاعر الشيخ في ختام القصيدة هو مما تواتر عند غالبية الشعراء الشيوخ منذ الزمن السعدي، فالمصمودي مثلا يذكر اسمه في آخر قصيدته (يامنة تهليل العثماني: 
(يا حافظ القصيدة اطهلا  في أوزاني****المصمودي في الكريم دار ارجاه)،
وسار الشعراء من بعده، ومن بعد المغراوي على نفس النهج، بل منهم من تفنن في الإتيان بذكر اسمه، فهذا الشيخ الجيلالي امثيرد يجعل عاشقته في قصيدة "الزطمة" تذكر ذلك الإسم بالتذاذ:
(...تبارك الله، حجاب الله، واسم الله عليك أنابغ المعاني، الحبر، المدوب، ألجيلالي مجاد الريام...)
ولم يخرج عن هذا التقليد سوى قلة قليلة من الشعراء الشيوخ في مقدمتهم سيدي قدور العلمي، وسي التهامي المدغري مع صديقه السلطان محمد بن عبد الرحمان العلوي.
والأصل في ذكر اسم الشاعر الشيخ هو ما تواتر عند الشعراء الزجالين الذين عاشوا في الزمن الموحدي والمريني، إذ يسجل العلامة ابن خلدون في "المقدمة" نماذج من أشعار هؤلاء، كانوا في الغالب يبتدئونها بذكر أسمائهم، على غرار ما نجد في الفصل الستين المعنون"في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد"، وهي التي تتميز بتوفرها على أساليب وفنون الشعر العربي المعتادة والمعروفة، وخلوها من حركات الإعراب في أواخر الكلم. فمن الأمثلة على الابتداء بذكر اسم الشاعر ما ورد في ص587، وهو :(قال الشريف ابن هاشم علي ***ترى كبدي حرى شكت من زفيرها)، ومثال آخر على ذلك، ورد في ص590: (يقول بلا جهل فتى الجود خالد***مقالة قوال وقال صواب). إذن، نعتقد أن شعراء الملحون الشيوخ وجدوا هذا التقليد الأدبي عند من سبقوهم، فبدت لهم جدوى استثماره في نهاية قصائدهم، فجملوه بإضافات أخرى هي: الافتخار بقدراتهم الإبداعية، ومدحهم لشيوخهم ولذوي السلطان ومن يعتبرون علية القوم، مع هجاء خصومهم ومن يزاحمونهم في مجال القول الشعري الملحون. فصار من الطبيعي عندهم أن تكون خواتم القصائد تشتمل على كل هذا. وهذه الأقسام تسمى عندهم (الدريدكة) لأنها تؤدى عندهم وفق نسق غنائي متسارع، يغلب عليها الإيقاع (الڰباحي). 
قد تكون أشكال الزجل المتوفرة في الثقافة المغربية قادرة على مدنا برؤى ومواقف حياتية اتخذها الإنسان المغربي من مظاهر وظواهر، ومن وقائع وأحداث اجتماعية وتاريخية. ففي فنون (العيطة) مثلا نجد العديد من التعابير الدالة على مواقف المغاربة من قضايا التسلط والطغيان سواء من قبل القياد المحليين كعيسى بن عمر أو من طرف الأجانب، ونجد فيها تسجيلا لوقائع حربية، ولكنها تظل رغم ذلك مندرجة ضمن خانة الفولكلور، بينما نرى أن الشعر المغربي الملحون ليس من الفولكلور في شيء، بقدر ما هو جزء أساس من الثقافة المغربية، وشكل من أشكال التعبير الأدبي المتوسل باللسان العربي المغربي، بما تقدمه نصوصه الشعرية من أناشيد، سواء تلك التي تمجد المقدس، أو تلك التي تعلي من قيمة الجمال الإنساني ممثلا في المرأة، أو تلك التي تبرز الجمال في الطبيعة... وبما تقدمه كذلك من سرود تاريخية أو اجتماعية... وبما تتأسس عليه تلك النصوص الشعرية من قواعد لغوية وبلاغية وعروضية موسيقية، ومن ثمة فنحن نتفق مع الأستاذ الدكتور عباس الجراري في قوله إن "كل الشعر الملحون زجل، وليس كل الزجل ملحونا".  
(يتبع)

يعقوب ياسين يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى