قطوف ملحونية (22) بقلم الشيخ احمد البدناوي

 قطوف ملحونية (22)
بقلم الشيخ احمد البدناوي 
من أشهرقصائده،التي عُرفت عند العامة والخاصة،باسم "الزردة".كما أبدع أيما اٍبداع في تسجيل الاٍنبهار بتلك المستجدات الصناعية المرتبطة بالدخول الفرنسي اٍلى المغرب،
وماصحبه من مظاهر التكنولوجيا الحديثة.بحيث نجده قد أفرد لهذا الموضوع قصائد تعد من نفائس شعرالملحون،مثل قصيدته التي تغنى فيها بالكهرباء،
ومنافستها للغاز،والزيت،والشمع.اٍلا أن قصيدة "الطوموبيل"التي تصب في نفس الاتجاه،كان لها وقع أكبر في قلوب هواة هذا الفن،ورواده الذين تباروا في حفظها والتغني بها في كل المناسبات.والقصيدة تأكيد قوي اَخر،ينضاف اٍلى البراهين الكثيرة،على سعة علم رجل الملحون،واطلاعه،وتنوع ثقافته.. بحيث لايكتفي الشاعر بوصف فوطوغرافي،بسيط للسيارة،بل يتجاوز ذلك،بجعلها فَلَكا يحمله مع محبوبته اٍلى عوالم المتعة والجمال.فيمنح خياله حرية،تصبح معها السيارة طائرة،تحلق في عنان السماء،مخترقة للحدود،عائمة فوق البحاروالمحيطات،عابرة للقارات،في رحلة جوية 
عجيبة وخارقة للعادة،زارالشاعرخلالها،كل أقطارالعالم،رفقة خليلته،واصفا بشكل دقيق،ومثير،تنقله بين البلدان والبقاع،مع أن الفترة التي عاش فيها الشاعر،كانت تعرف شحا في المعلومة بشكل عام،باعتبارأن وفاته لم تتعدى بداية الثلاثينيات من القرن الماضي.
فرغم أن الشاعر كان يقوم بتنقلات بين المغرب والمشرق العربي وتركيا،اٍلا أن معرفته لجل
الأقطار العالمية،تنبي عن اتساع أفقه المعرفي ودرايته بعلوم كثيرة ..
      ختم الشاعررحلته بالاٍستقرار في الديار المقدسة الشريفة،كمطلب لحسن الختام،وتوديعه للسائق الذي 
حمَّله سلاما اٍلى أهله وخلانه بأرض المغرب...
     اٍليكم بعضا من مقاطع قصيدة الطوموبيل،
 الحربة: 
 سعدي زارتني خليلتي زهرة ذات الخال*
وزهينا بعد الفراق وركبنا طوموبيل
وتسارينا بالجميع فالدنيا عرض وطول
- سعد اللي بالفرح والزهو والقرب والوصال*
غنم سلوانو وراحتو بزيارة الخليل
تلقاه على الحاسدين عن طول الدهر يصول
وانا زارتني خليلتي في ضد العذَّال*
ليا قالت ياعشيق ردنا في هاذ الليل
نتساراوا على القطاربين وعرها وسهول
ليها قلت أباشة النسا حتى انا فالبال*
نديك تجولي على الرضى كان العمر طويل 
كيف أنا قبلك بلعزم دايم كنت نجول
سرت نفتش فالرباط واللي نلقاه نسال*
على طوموبيل فالمشي ماليها تمثيل
 تساعدنا ساعت السفر بلطافة وقبول
نوجد هندي راجح العقل من هند البنغال*
ليا قال تصيب حاجتك عندي لاتمهيل
طوموبيلي في وصافها حارت كل عقول
درت فسوس وجيت علّْحوز فحفظ المتعال*
وتنيت على الغرب بعد زرت الماجد الفضيل
مولانا ادريس بن دريس الماجد الفضيل
وصبحنا في تلمسان جهد اللابان الحال*
منو دزنا  ويهران ودزاير لاتمهيل
من قصنطينة لتونس ظفرت بكل شمول
فطرابلس الغرب طلبنا الجليل فالْسْاَل*
يعاون المجاهدين مول القوة الوكيل
علَّعدى من عاد ريّْهم بالغدرة مخدول
ودخلنا عن مصر السعيدة وقت الزوال*
زرنا اَل البيت بالرضى وخشوع وتذليل
وخرجنا للريف فالصعيد سفرنا مكمول
خلعنا بالفرح العذار*فترانسفال بتنا من غير حزارة
غينيا دزناها دون تحكار*وعلى الكونغو وكاميرون فالبشارة        
فالسينيغال ضحيت طيار*كما ضحات طوموبيلي طيارة
طلق جوانح في جنابها ورياش بالقفال*
وزفرت فالهوى مثيل رعد نطق وقت السيل
شقَّت جهد الريح كنّْ برق فرمشة لنجول
حين وصلت لأرض فنزويلابعد الترحال*
تنيت بعزمي سريع بين وطان برازيل
ورجعت على خليج سان جورج وضحيت نجول
                                   ......
دزت على اليونان مانبالي بهل التضلال*
وعبرت على البوزفوركيف مضيق الدردنيل
ثم قطعت لاَسيا وبت فحوز اسطمبول
...دخلت على العِراق بعد زرت الليث الخصَّال*  
عبد القادر شامخ الثنا قدرو قدر جليل
وعلى الموصل جيت قاصد الشام بغير غفول
..ها العين الزرقا شرابها فايق كل مصال*
زيد شرب منها الى نتا من لشواق عليل
هامرسم الحبيب ها مقام الزهرة البتول
       قلت لشيفوري العيار*يا صاحب الوفاوالهمة وتمارة
       سلَّم علَّ لشياخ الحبار*الى نتا رجعتي للغرب جهارة
       قول لهم مغرّْب الدار*العبد بن علي من لا رام دسارة
       اختار السكنى والقرار*من أسفي لطيبة وغنم بزيارة
                           ************
 
       كان الشاعر محمد بن علي المسفيوي،متميزا باختيار مواضيعه الشعرية،التي كان له فضل السبق اٍليها في النظم،من دون أغلب شعراء عصره.فلقد كان بحق،عين الشعب ولسانه،في تخليد مكونات ومظاهرثقافية تعد علامات دالة على الحضارة المغربية،تجلى بعضها في وصفه الدقيق الجميل،للأطباق التي اشتهر بها المطبخ المغربي،في واحدة