في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي
في رحاب الملحون المغاربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
في رحاب الملحون المغاربي

في رحاب الملحون المغاربي

 قضية العربي عيشان والشعر الملحون الحلقة 2 الأستاذ عبد الجليل بدزي  Screen69

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

قضية العربي عيشان والشعر الملحون الحلقة 2 الأستاذ عبد الجليل بدزي

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

في رحاب الملحون المغاربي


عضو نشيط
عضو نشيط

  قضية العربي عيشان والشعر الملحون
الجزء الثاني:
دائما ورغبة مني في عرض قضية الخلاف القائم بيني وبين العربي عيشان من جهة، وبينه وبين أشياخ الملحون من جهة أخرى، وكشف ملابساتها أمام كل المتابعات والمتابعين لهذه المسألة والاستفسار عن تفاصيلها ومتى تفجرت وكيف، وسعيا مني لإضاءة هذا الجانب الذي بقي غامضا لدى البعض، تحدثت في الحلقة الماضية عن كيفية تفجر الخلاف وتوقيته، كما أعدت نشر تدوينتي حول ديوان "روح الروح" للعربي عيشان، لكني وجدت نفسي مجبرا على أن أعود لديوان "كلام مطرز" الذي أشار الإخوان إلى أنه جوهري في الخلاف، اعتبارا من أنه مطبوع بالعهر والعبث والمجون وساقط الكلام، الشيء الذي لم يألفه ديوان الملحون، ولم يقبله أشياخه ولا المتحلقين حوله، فبحثت عن الكتاب، وتوصلت بنسخة منه عبر بعض الأصدقاء، وقرأته وأنا تحت تأثير القولة الشهيرة:"مكره أخاك لا بطل"، ووقفت على صحة ما أشار إليه الأشياخ من أن ما كتبه العربي عيشان في هذا الكتاب قد جاوز حدود اللياقة والأدب، وخرج عن النص، وابتعد كثيرا عن المسار الذي سار فيه أدب الملحون الذي لم يكن أشياخه سفهاء، ولا كانوا ـ إلا النزر اليسير الذي لا يكاد يذكرـ يكتبون الشعر المكشوف، وحتى الذين ساروا في هذا الاتجاه، كانت كتاباتهم عبارة عن أدب يحمل رسالة اجتماعية تربوية يسعون من خلالها إلى توجيه المجتمع وترسيخ قيم ضرورية لدى أفراده، ـ إذا استثنينا طبعا بعض القصائد الهجائية التي تسمى "لفضيحة" وهي ناذرة التداول محدودة الانتشار، نظرا لاتصالها بقضايا شخصية مباشرة ـ وهذه لعمري إحدى وظائف الأدب، أما أن تكون كتابات ماجنة، بأسلوب خليع بعيد عن الأدب وبعيد عن الشعر، تستعمل فيه عبارات (زنقوية) بدون ترميز أو تحرج مثل تلك التي تتردد بين الخلعاء الذين يجلسون في الشوارع الخلفية يتعاطون المخدرات وليست لهم ضوابط ولا التزامات مع مجتمعاتهم، فهذا أمر غير مقبول، وكلمت العربي عيشان في هذه المسألة، وأخبرته أن الأفضل له أن يأخذ بنصيحتي كأخ تهمه سمعته، وأن يعتذر للمجتمع المغربي بكل أطيافه عما صدر منه من إهانات للملحون وأهله، على اعتبار أن هذه المسألة لا تهم رجالات الملحون وحدهم بقدر ما تهم كل أفراد المجتمع المغربي الذين يعلمون جيدا أن ديوان الملحون هو جزء من وجدان المواطن المغربي، وجانب من الأدب الذي دون الكثير من عادات المغاربة وطبائعهم وقيمهم، مما أهله بامتياز لأن يكون مساهما في إبراز الإنسية المغربية، ثم أن يتوقف عن إعادة طبعه، وأن يسعى إلى مد جسور الاتصال بكل أخوة ومودة بينه وبين أشياخ فن الملحون وإظهار حسن نيته في الانتماء إلى ساحتهم والتخلق بأخلاقهم، لكنه رفض ذلك، بل أصر على موقفه والاستمرار في ما يكتب وما ينشر، انطلاقا ـ كما أشار إلى ذلك ـ من أنه حر في ما يفعل، وأن الدستور المغربي يضمن له هذه الحرية، كما أشار إلى أن الفكر العربي تغذى من كتب كتبت قديما في مثل هذا الشأن، واستشهد على ذلك بكتاب "الروض العاطر"، وكتاب "رجوع الشيخ إلى صباه"، والعديد من النماذج، كما أشار إلى أن ديوان الملحون تضمن قصائد مشابهة لما كتب، وقدم كمثال عليها قصيدة "اللواطية" للشيخ إدريس بنعلي السناني، وقصيدة "علال" للشيخ أحمد الغرابلي، وأن القصيدتين نشرتهما الأكاديمية في ديواني هذين الشاعرين اللذيْنِ تم نشرهما من طرفها، وبدأ يقدم تبريرات وأدلة  من هنا وهناك على صحة موقفه بكل تعنت وإصرار، عندها قلت له، في مسألة الحرية أنا معك، فلتكتب ما تريد إن رأيت أن الدستور يكفل لك هذه الحرية، وهذه مسألة أخرى لن أفتح معك فيها أي نقاش الآن، وبالنسبة لي أنا كمتلقي، لي حريتي أيضا أن أقبل ما تكتب أو أرفضه، فقط أن يستند رأيي إلى أدلة وبراهين تزكي موقفي، ومن هذا المنطلق، لا يمكن لي أن أقف سلبيا اتجاه ما تقوم به من تخريب لديوان الملحون بقصد إخراج هذا الأدب عن مساره الحقيقي الذي وضع الأقدمون إطاره، وسار المعاصرون على هديهم في ذلك، ولهذا سأقول لك موقفي صراحة على صفحات العالم الأزرق وعلى رؤوس الأشهاد، فكتبت مقالة ثانية خصصتها لكتابه "كلام مطرز" جاءت على الشكل التالي:
ملاحظات على هامش قراءة ديوان:"كلام مطرز"
للشاعر العربي عيشان
في طـريفة عن الشيخ المراكشي الماجن "أحمر الرأس" تقول: أن أحد فقهاء المدينة اتصل به ونهاه عن الاستمرار في القول بتلك الطريقة المخجلة، اعتبارا من أن أشياخ الملحون فقهاء لا يقولون إلا طيبا، وعليه أن يلتزم قاعدتهم، ويسير على منوالهم، فكانت إجابة الشيخ أحمر الراس كالتالي: "... إن الناس يبنون المساجد ليعبد فيها الله ويذكر فيها اسمه، فهل رأيت في حياتك مسجدا بدون مرحاض؟"، فقال له الفقيه: "لا، أبدا"، عندها قال الشيخ: "إذن فالملحون يشبه المسجد، وشعري هو مرحاضه".
تذكرت هذه الطريفة وأنا أقرأ بعضا مما جادت به قريحة الشاعر العربي عيشان في مجموعته الشعرية "كلام مطرز"، وكان شيئا مقززا بالفعل ـ على الأقل بالنسبة لي شخصيا ـ حيث مجَّ ذوقي هذا الكلام، وعافته نفسي، لما به من فحش القول وساقطه، ورغم أني أومن بحرية الشاعر الشخصية، وأنه لا يمكن أن يكون هناك إبداع دون توفر جانب منها، إلا أنني ومن موقعي وأنا أمارس حريتي الشخصية كمتلقي، أرفض مثل هذا المجون والتهتك في الكلمة الجميلة الراقية أيا وقع تجنيسها، سواء كانت شعرا عربيا أو زجلا أو ملحونا أو حتى كلمة نثرية موجهة للعامة وللشباب والأجيال المستقبلية بهدف تنشئتها التنشئة السليمة، وتوجيهها نحو القيم السامية التي تكسبهم قوة في مواجهة التحديات الحضارية المفروضة علينا من طرف الغرب الامبريالي. وكما قلت سلفا، فموقفي هذا يدخل أيضا ضمن حريتي الشخصية كمتلقي، والتي يجب أن يعترف لي بها الشاعر كما أقررت أنا أيضا بحريته وأدافع عنها.    
وأود بداية أن أتوجه للشاعر العربي عيشان بالشكر العميم على تواصله معي، حيث أرسل لي مجموعته الشعرية "روح الروح" الذي سبق أن تحدثت عنه في تدوينة سابقة، وهذا يكشف بشكل كبير أنه أميل إلى حب هذا الديوان أكثر من غيره، وأنه يفتخر بهذه المجموعة الشعرية الملحونة، أكثر من فخره بالمجموعة الشعرية الثانية "كلام مطرز" الذي سيكون مدار الحديث في هذه التدوينة، فشكرا للشاعر مرة أخرى على كرمه هذا.
ثم أنطلق في إثارة الملاحظات التي استخلصتها أثناء قراءتي للكلام الفاحش الذي تضمنته مجموعته الشعرية "كلام مطرز" على الشكل التالي:
الملاحظة الأولى: قد يستغرب البعض عندما يجدني أطلق على الرجل صفة "الشاعر" رغم أني أختلف معه جملة وتفصيلا فيما جاء في مجموعته الشعرية "كلام مطرز"، والجواب طبعا هو أن الله سبحانه وتعالى قسم الشعراء إلى قسمين، قسم كبير وهم شعراء الكفار المنافين للعقيدة والمنكرين لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وفئة قليلة هم الذين آمنوا ونافحوا عن الدين الإسلامي بكلامهم وشعرهم، واستقاموا في حياتهم وفق تعاليم الإسلام، ومع ذلك لم ينف عن الشعراء الكفار والمكذبين والمنحرفين صفة الشعر، ومن خلال نظرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشعر والشعراء، أثبت أن موقفه رصين يفرق فيه بين الفن والأخلاق، ذلك أنه عندما سئل عليه أفضل الصلاة والسلام، من أشعر الشعراء يا رسول الله؟ أجاب صلى الله عليه وسلم: "أشعر الشعراء امرؤ القيس وحامل لوائهم إلى النار"، ليس لأنه شاعر، بل لأنه لم يكن على الصراط المستقيم، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما ذكر لي أعرابي وأحببت أن أراه إلا عنترة"، وعنترة لم يكن مسلما ولكنه كان عفيفا متخلقا، وأيضا فَصَل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين الفن والأخلاق عندما سئل:" من أشعر الشعراء يا أمير المؤمنين؟"، فكان جوابه رضي الله عنه: "أشعر الشعراء زهير بن أبي سلمى، لأنه لا يعاضل في القول، ولم يمدح أحدا إلا بما فيه"، والأمثلة على هذا الموقف الناصع كثيرة في الإسلام.
وتأسيا بهذه المواقف الإسلامية المتنورة، لم يدفعني اختلافي مع الرجل إلى أن أنفي عنه صفة شاعر، حيث هي صفة لا تنفيها عنه معارضتي له فيما يكتب، مادام له الحق في أن يكتب ما يريد، هو حر في أفعاله ومسؤول عنها، وأنا حر في أن أقبل ما أنتجه أو أرفضه، شأني شأن كل متلقي ومستهدف، ونوضح موقفنا وندافع عنه بكل الوسائل الممكنة، حتى يتبين المجتمع بكل أطيافه ما وراء هذه الكتابة من فحش وفسق باديين، وترويج للتفسخ الأخلاقي وتهديم القيم النبيلة التي يفخر بها المغاربة عامة، ورجال الملحون خاصة. 
الملاحظة الثانية: أنطلق في عرضها من سؤال مفاده: أين يمكن أن نؤطر قصائد هذا الديوان بين الفنون الشعرية؟ هل هو زجل أم ملحون؟، والدافع لطرح هذا السؤال، كون العربي عيشان صنفه ضمن الإنتاجات الزجلية، ورجال الملحون يحاصرونه باعتبار أنه تموقع بينهم بمجموعته الأولى "روح الروح"، وما يهمني شخصيا هو النص الذي تضمن كلاما ساقطا ومغرقا في الفحش، حيث رغم أن الديوان زجلي، إلا أن هذا النص كتب في بحر من بحور الملحون، وهو بحر "المبيت" امرمت المشركي، وأعتقد أن الشاعر العربي عيشان يعرف ذلك، حيث أنه كان في بداية الصراع بينه وبين رجالات الملحون، يتحدث عن تجارب في الملحون بلغت حدا من الفحش ربما جاوز ما قام به هو نفسه على حد قوله، وتصريحه ذاك، يستنتج منه أن الرجل يعترف بأن قصيدته ملحونة سار فيها على خطى من سبقه من بعض رجال الملحون.
الملاحظة الثالثة: وتكمن في كون الشاعر العربي عيشان يتحدث في ردوده على معارضيه على أنه لم يذنب ولم يبتدع شيئا، وعلى حد قوله، توجد في الملحون مجموعة من النصوص أكثر فحشا مما كتب، وما أثار استغرابي في هذا الكلام، هو موقف رجال الملحون المعاصرين منه ومن هذه الإنتاجات المتحدث عنها، حيث انقسموا بين من يلوم الأكاديمية على نشر مثل هذه النصوص التي لم يكن مبدعوها يريدون لها أن تنتشر بين العامة، ومنهم من يدافع بخجل عن هؤلاء المبدعين بحكم أنها قصائد غاية في الروعة تكشف على قوة الشاعرية لدى شيخ الملحون، وأن الشاعر العربي عيشان لا يستطيع أن يكتب ولو سطرا من أسطرها، وكل هذا دون تقديم مبررات مقبولة لتواجد مثل هذه النصوص في ديوان الشعر الملحون.
وحسب تصوري، فإن هذه النصوص مدار النقاش، والتي تعرف ب"الشعر المكشوف" هي مفخرة للملحون وأشياخه ورجالاته والمتحلقين حوله، سواء تعلق الأمر بقصيدة ادريس بنعلي الحنش، أو قصائد الغرابلي الهجائية وعلى رأسها قصيدة "علال" المنشورة بديوانه، أو شعر الشيخ المراكشي أحمر الراس الذي كان كله فحش وكلام ساقط، أو غيرها من الإنتاجات التي ضاعت، والتي يجب على الباحثين والمهتمين بهذا الفن أن يبحثوا عنها ويعيدوا طبعها وإخراجها للدراسة دون التداول على مستوى الإنشاد، لما تحمله من تصورات وقيم سلبية كان يعج بها المجتمع المغربي على عصر الشاعر، الشيء الذي يثبت أن هذا الشاعر لم يكن متصوفا منعزلا في جبة زاهد، ينظر للناس والمجتمع من الأعلى دون ملامسة قضاياهم الحقيقية، معتبرا نفسه مقدسا والأخر مدنس، إن هذه النصوص أكبر دليل على أن شيخ الملحون كان ألصق بمجتمعه وقضاياه، وحتى من كان منهم متصوفا، فإنه متصوف عملي، وشعره صورة لما يجري داخل هذا المجتمع إيجابية كانت أم سلبية، ويجب علينا أن نقر بهذا إن أردنا أن نطلق على الملحون صفة "ديوان المغاربة"، إن رجل الملحون كان متقدما بشكل كبير في نظرته الفنية وفي تجربته الشعرية، فلم يكن ينافق ولا يهادن ولا يداهن، بل كان ينقل صورة صادقة عن المجتمع الذي يعيش فيه، فكما تحدث عن قوة ارتباطه بالعقيدة وتغلغلها بداخله وامتلاكها لجوارحه، وذلك من خلال توسلاته ومدائحه في الرسول صلى الله عليه وسلم، كذلك تحدث عن المآسي التي عاشها المجتمع المغربي جراء الكوارث الطبيعية والحروب العسكرية والصراعات الفكرية والمذهبية وغيرها، إلى جانب إسهامه في إضاءة مناطق مظلمة في هذا المجتمع جراء انتشار بعض الأدواء الاجتماعية والأوبئة الفتاكة التي كانت بحاجة لمن يتصدى لها، وذلك مثل الخيانة الزوجية، وعقوق الوالدين والمروق من الدين وظواهر البغاء واللواط وغيرها مما يحتاج معه المرء إلى قراءة واعية في هذه النصوص حتى يغوص في أعماقها ويكشف خباياها وأسرارها.
نعم يحق لرجال الملحون والمتحلقين حول هذا الفن أن يفخروا بهذه الأعمال ولا أن ينفروا منها ويشعروا اتجاهها بالخجل أو الضعف، فهي أصدق تعبير على جماهيرية هذا الفن والتصاقه بهموم العامة والتزامه بقضايا الطبقات الشعبية داخل المجتمع المغربي
الملاحظة الرابعة: أشير من خلالها إلى أن قصائد "الشعر المكشوف" في الملحون اتخذت منحنيين لا ثالث لهما، وفي كل منحنى من هذين المنحنيين، لم يكن الشيخ يستهدف كتابة (بورنوغرافية) يعبر من خلاله عن مكبوتات جنسية دفينة، بألفاظ سوقية مباشرة، دون هدف ولا غاية، بل كان في الجانبين معا ساعيا إلى التوجيه والتهذيب، مما جعل كتابته في هذا الجانب مبررة، ويمكن تبيان ذلك من خلال عرض تصورنا لكل منحنى على حدة: 
أولا: منحنى فردي، ونمثل له بقصيدة "علال" أو "نكارتْ لحسان" للشاعر الغرابلي، وهذه القصائد تدخل في باب القصائد الهجائية التي ينفر منها ذوق المتلقي بصورة عامة، بحكم أن القضايا التي تتناولها قضايا شخصية لا تهم إلا الذي قالها والذي قيلت فيه، ومن المفيد الإشارة إلى أن أشياخ الملحون صنفوا هذا الشعر الهجائي إلى نوعين:
+ نوع يطلق عليه الدق أو الشحط، ويتناول فيها الشاعر شخصا أو مجموعة أشخاص دون أن يذكر أسماءهم، وهذه تكون نسبيا مقبولة بين رجال الملحون، يؤدون بعضها على مستوى الموعظة والتوجيه، وكمثال عليها: قصيدة "صارم الطعن" للشيخ محمد الشاوي، أو قصيدة "الكراف الخشنين" للشيخ أحمد بدناوي.
+ والنوع الثاني من هذا اللون يسمى "القصيدة الفضيحة"، يتجه فيه الشاعر إلى شخص يذكره بالاسم، وينسب إليه كل صفات الرذيلة، وهذه القصائد تكون مرفوضة بالإطلاق من طرف الأشياخ، وكمثال عليها قصيدة "علال" التي كتبها الغرابلي لا ليتغنى بها في المحافل، ولكن لغرض التنقيص من خصمه والتشهير به. ولذلك فهذه الأشكال من الشعر ناذرة في الملحون ولا يقاس عليها مقاربة مع الكم الهائل من قصائده المتوفرة والقصائد التي ضاعت، ولا يعتد بها في هذا المجال، وقد يتجه مبدعوها إلى تمزيقها والتخلص منها بعد أن تكون قد أدت وظيفتها الآنية والشخصية.
ثانيا: منحنى اجتماعي، وذلك عندما يتجه الشاعر إلى كتابة قصائد من الشعر المكشوف بغاية فضح بعض الأمراض الاجتماعية قصد التنبيه إليها ومعالجتها قبل أن تستفحل وتستشري بالمجتمع وتصيبه بالتفسخ، ومن الأمثلة عليها، "قصيدة الطاجين" للشيخ قدور الحنش التي يعالج فيها ظاهرة الخيانة والسرقة، وقصيدة "حمان الخربيطي" للشيخ العيساوي الفلوس، والتي يتحدث فيها عن الخمر وما يفعل بصاحبه، وهذه النماذج لا فحش فيها وإنما جئنا بها لنظهر كيف يغير شيخ الملحون على مواطن القبح داخل المجتمع، وذلك بهدف إصلاحها وتقويم سلوك المجتمع عامة، ومن النماذج التي اعتبرت فاحشة في هذا الباب، قصيدة إدريس بن علي تحت عنوان "اللواطية"، حيث تناول فيها الشاعر موضوعا يعتبر من المواضيع المحرم الحديث فيها اجتماعيا، والحكي عنها بشكل مكشوف، إضافة إلى استخدام الشيخ لكلمات فاحشة أحيانا، لكنه نظمها في أسلوب شعري في منتهى الجمال والرقي، لا تنفرك كمستمع، ولا تمنعك من الاستماع والاستمتاع بها، إضافة إلى أن القصيدة فيها عبرة وتربية وتوجيه اجتماعي بشكل أدبي راق لم يتيسر منه للأخ العربي عيشان حتى العشر، بل ولا مجال للمقارنة إطلاقا بين ما كتبه وهذه الإنتاجات الراقية الممتعة والمصلحة في آن، لذلك أقول لك أخي العربي عيشان، لو سألتني: هل يمكن أن أقرأ كلام بنعلي الحنش على مسامع أبنائي؟ أقول لك نعم وأقسم على ذلك، شريطة أن يكونوا دخلوا مرحلة البلوغ، أما ما كتبته أخي العربي، فوالله لا أستطيع أن أقرأه حتى أمام أصدقائي، بل والله لم أستطع حتى أن أكمل قراءته بيني وبين نفسي، ليس لشدة فحشه فقط، بل للتصور الذي يحكمه من الأساس.
إن التجارب الشعرية المكشوفة التي كتبها شعراء الملحون سابقا كانت تحكمها رؤية تربوية توجيهية، القصد من ورائها إصلاح المجتمع، وتجفيف منابع الفساد فيه، أما ما كتبت في ديوان "كلام مطرز"، فقد كانت تحكمه رؤية تحريضية، تسعى إلى زرع ثقافة التفسخ الأخلاقي، وتغيير القيم وإفسادها داخل المجتمع المغربي الذي كان في أمس الحاجة إليك من أجل المساهمة في تقويمه والسمو بقيمه نحو الأعلى، إن هناك فرقا كبيرا بين من يتحدث عن الجنس كوسيلة تربوية يكشف من خلالها النقاب عن جملة من الاقتراحات التي تسهم في التربية الجنسية ومحاربة الكبت والدفع نحو الإشباع الجنسي بقصد محاربة الانحرافات الجنسية داخل المجتمع، وذلك بغاية دفع الشباب نحو الزواج وبناء أسر مستقيمة لا تحكمها انحرافات ولا اختلالات، وبين من يستغل مقولة الحرية والحرية الشخصية لكتابة شعر مكشوف بنزعة تحريضية يسعى من ورائه إلى تهديم قيم المجتمع وإفساد أخلاقه، وذلك هو نموذج الأخ الشاعر العربي عيشان.
إنني أدعوك أخي أن تستمع وتتمعن في كلام الشيخ الأديب ادريس بن علي السناني في زرب قصيدته "اللواطية"، واتعض جيدا، حيث يكشف الشيخ في نهاية قصيدته عن غايته من كتابتها قائلا:
أ راوِي ذا القول السليسْ * بجواهر فنظامُه انفيسْ
حفظ واحضيه أوجُول فيه * وُسَلي بهْ اجْوَارْحْ العْقَل والفكرَة * والعارفين كل إيشارة * واجميع من اتأدب واقرى * يدري اعجايبْ الشعارا * مَاهُ احرام ولا امعرا * ترويح للقلوب اجهارا * وُشي امزاحْ مَرَّا مَرَّا * والبسط سالك فلعبارا * ووقع في امجالس كبرا * عند الملوك والوزارا * سرّْ الجلوس هي الهضرة * والضحك هاك تسمع وارا * واللي يكون مثل الحجرة * ساكن بالزكيم اتمارا * اعشرْتُه ثقيلة مُرَّا * خشبة إيليق للنجارة * مزيان الزهو والبشرة * حلة امشرفة مختارة * لا سيما اللي كان انبيل امنورْ السريرة واتأمل بلدهان * يوجدنا غنينا على السان الحال وقوم الزمان * ولا يجهل هاذ لوزان * غير اللي هو اخشين الطبع * ما فيه اظرافا ولا انفع * طبعُه طبعْ الجاب والضبعْ * حين يسمع النظم ينفكع * ويلا يسمعوه الفهام * تتفكه بلفاظ القسام * .....................
إنه الشيخ الأديب الألمعي والشاعر المتمكن الحاج ادريس بن علي رحمه الله وأحسن إليه، وفي كلامه في زرب قصيدته هاته، تنبيه للقارئ حتى يعرف الغاية مما نظم، ولا يقيس عليه إلا من امتلك شاعريته ووظفها في خدمة رسالة هادفة.
إنها المعاناة التي جعلتني أطيل، والمعاناة كما تعلمون لا تختصر، فاعذروا إطالتي مع صادق المودة لكم جميعا.  
يتــبــع

https://almalhon.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى