في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

في رحاب الملحون المغاربي
اهلا وسهلا بكل الزوار يسعدنا تواجدكم معنا في منتدى رحاب الملحون المغاربي
في رحاب الملحون المغاربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
في رحاب الملحون المغاربي

في رحاب الملحون المغاربي

 هل بالفعل استوفت قصيدة الملحون زمنها وولت دون رجعة؟ تدوينة ..!؟ // الباحث الأستاذ عبد الجليل بدزي. Screen69

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

هل بالفعل استوفت قصيدة الملحون زمنها وولت دون رجعة؟ تدوينة ..!؟ // الباحث الأستاذ عبد الجليل بدزي.

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

وحي القلم


عضو جدير بالاحترام
عضو جدير بالاحترام

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل بالفعل استوفت قصيدة الملحون زمنها وولت دون رجعة؟
تدوينة استلهمتها مما جاء في إحدى تدوينات الزجال عزيز بنسعد، والذي أشار بنوع من الإيحاء إلى أن قصيدة الملحون قد انتهت صلاحيتها ولابد للشعر أن يستمر، مما أثار حفيظة جملة من المتدخلين الممارسين في المجال، واستدعاني اهتمامي البسيط بهذه القصيدة إلى أن أسجل الموقف التالي حسب ما أملته علي قناعتي.
أظن أنه ما من شك في أن قصيدة الملحون تتشابه مع القصيدة العمودية من حيث كونُهما معا تنتميان إلى حقل الشعر، وهي أشياء إيجابية حازت من خلالها قصيدة الملحون نوعا من الاهتمام كان غائبا عنها لقرون بسبب إهمال نقاد الثقافة العالمة لها وللزجل والموشحات على اعتبار أنها في نظرهم نوعا من الإنتاجات الخاصة بالسوقة وعامة الناس، لكننا في عصرنا هذا والذي سبقه بقليل، بدأنا نلحظ نوعا من التوجه لهذه القصيدة والاهتمام بها لأسباب سياسية ليس هذا مجال الحديث عنها، فانتزعت اعترافا بقوة حضورها وتعبيرها الحقيقي عن معاناة السواد الأعظم من الجماهير، والتزامها إلى جانب قضاياهم دون تمييز، فاحتلت بذلك الواجهة، وغطت على الشعر الفصيح، واستلهَم لسانَها بعضُ الاتجاهات السياسية، فأنتجوا به شعرا سموه بالزجل المعاصر، فكانت هذه القصيدة المستحدثة الوسيلة الأساسية للتواصل مع الفئة العريضة من الشعب، وقد ثمن الكثير من المهتمين بهذا الجانب الأدبي هذه الخطوة، واعتبروها إيجابية نحو الاهتمام بكل الابداعات الصادرة بهذه اللغة الجماهيرية التي توصف جورا (باللهجة الشعبية).
ولكن لم يصل الأمر إلى أن يتصور أحد أنه سيكون في يوم من الأيام حوارٌ بين قصيدة الملحون وقصيدة الزجل المعاصر، على اعتبار أن لكل قصيدة منهما منطقها وطريقتها الخاصة في التعامل مع القضايا المعالجة، إضافة إلى أن القصيدة الزجلية الحديثة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تهدد وجود قصيدة الملحون واستمراريتها، ذلك أن هذه القصيدة الزجلية الحديثة لم تولد من رحم قصيدة الملحون، ولا علاقة بينهما إلا في جانب واحد وهو اللغة الموظفة، زيادة على أن قصيدة الملحون انحدرت لنا حسب آخر ما وصل إلينا من نصوص منذ أكثر من ستة قرون، مستندة إلى تجربة زجلية نظمية صلبة عياشها المغاربة حتى قبل العهد المرابطي، فكانت هذه المسافة الزمنية كافية لتتأصل هذه القصيدة داخل الثقافة والإبداع المغربيين، الشيء الذي جعل الباحثين والمهتمين يعتبرونها ديوانا للمغاربة، ومرجعا لدراسة تاريخ حضارتهم، في وقت لا يتجاوز عمر القصيدة الزجلية الحديثة الخمسين سنة، اعتبارا من تاريخ صدور ديوان الأستاذ أحمد المسيح سنة 1976، وهو أول ديوان يصدر في هذا الإطار، وإذا استظهرنا غاية الاستظهار نقول الستين سنة، وهي مدة زمنية كما يرى المهتمون بمجال اللغة والشعر، غير كافية حتى لإثبات قدمه في الساحة الأدبية، أحرى به أن يزاحم تجارب أصيلة ويطالب بإلغائها، ولا يتوقف الأمر هنا فقط، بل لابد من توضيح قضية هامة لا أظنها تغيب عن غالبية المهتمين بالشأن الإبداعي في المغرب، ذلك أن قصيدة الشعر الحديث التي ظهرت مع نازك الملائكة والسياب بالعراق خرجت من جبة القصيدة العمودية وتطورت عنها، ووظفت الكثير من ثوابتها في الكتابة الشعرية الحديثة، حيث لم يكتب الشعراء الماهدون القصيدة العربية الحديثة إلا بعد أن كانوا متفوقين في كتابة القصيدة العمودية، ومروا بتجارب الكتابة على النسق العمودي قبل أن يشقوا عصا الطاعة عن تلك التجربة ويكسروا بنيتها الإيقاعية، ولكنهم ظلوا دائما محافظين إلى الآن على إيقاعها الموسيقي المستند إلى تجربة علم العروض كما نظر له الخليل، ويكتبون على منواله، ولكن بتوزيع موسيقي جديد، إضافة إلى تمسكهم بنفس الوسائل والمحسنات البلاغية القديمة من تشابيه واستعارات وكنايات وطباق وجناس وغيرها، فهل مر شعراء القصيدة الزجلية الحديثة بنفس تجربة شعراء الفصيح عندما فكروا ويفكروا في قيادة ثورة علي شعرهم الأصيل؟، وهل اطلعوا على تجربة أشياخ الملحون في كتابة القصيدة الملحونة وتعمقوا في بحورهم واقياساتهم؟ وهل كتب أحد منهم نصوصا ملحونة قبل اتجاههم لكتابة الزجل الحديث حتى يمكن القول أن قصائد الزجل الحديث تطورت عن القصيدة الملحونة وأصبحت بديلا لها؟، وحتى وإن كان الأمر كذلك، من يمكنه القول بأن نوعا أدبيا حديثا إذا خرج من نوع قديم يمكنه أن يلغي السابق؟، هذا أمر ما أنزل الله به من سلطان، ولا يثبت أمام منطق، والدليل على ذلك يتمثل في علاقة القصيدة العمودية بقصيدة الشعر الحديث، وكيف خرجت الأخيرة من سابقتها، ومع ذلك فهي لم تلغها، بل نجد وإلى وقتنا الراهن، شعراء القصيدة الحديثة يكتبون شعرا عموديا، والأمر واضح لكل متتبع لا يحتاج إلى دليل، حيث ليس هناك حسب رأي الدكتور حسين مروة (...قطيعة إبيستمولوجية في مجال الفكر... بل نجد ما يسمى بوحدة القطع والاستمرارية ...) ـ كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ـ فمهما تصادمت الأفكار واختلفت سبل الكتابة، فلا يمكن لإبداع أن يلغي إبداعا آخر، حيث الحكايةُ تجاور القصةَ والشعرُ العموديُ يجاور الحديث وهكذا...
وبعودتنا لقصيدة شعر الملحون، نلاحظ أن هذه القصيدة قد أحدثت ثورة على نفسها من طرف أشياخها الممارسين لها عبر قرون من الزمن، ذلك أنها من نوع الشعر المواكب والملتزم، وشيخ السجية يعتبر مثقفا عضويا داخل مجتمعه، وبهذا فهو ملزم وملتزم بالتعبير عن أفراح وأتراح المجتمع المغربي، ومواكبا لكل التطورات الحضارية التي تطرأ عليه، دائما في قلب الأحداث، مسجلا موقفه مما يجري، وغالبا ما يسير وراء رأيه السواد الأعظم من الناس، وهذا ما دفع بهذا الشيخ إلى أن يكون حيا بصورة مستمرة، ودائم التجدد والتطور، الشيء الذي نرصده مبنى ومعنى، فعلى مستوى الأغراض، لم يبق شيخ الملحون حبيس الأغراض الأولى التي ظهر بها، وهي أغراض تدخل في مجال العقيدة، بل ثم ابتكار أخرى مع توالي الأزمان دفعت الناس إلى تجديد حبهم للملحون وإقبالهم عليه، وكمثال على ذلك، ظهور غرض العشاقي والربيعيات إلى جانب الخمريات والوصايات والهجاء والتراجم التي أغنتنا عن الرجوع إلى الروايات العربية الخارقة المنحدرة لنا من المشرق كالعنترية والحمزاوية والوهابية وغيرها، وأغراض أخرى كثيرة تفوق ما كتب فيه شاعر الفصيح، أما بالنسبة لشكل القصيدة، فكما لا يخفى على المهتم بأنه هذا الشيخ أحدث فيه تغييرات عديدة وتطور بشكل كبير عن البدايات الأولى، فأول ما ظهر النظم في المغرب، كان بسيطا شبيها بالقصيدة العمودية، أبياتها تتكون من (افراش) و(اغطا)، ثم ظهرت عندنا القصيدة الثلاثية الأشطار فالرباعية والخماسية ... وداخل كل امرمة من امرمات هذا البحر، نجد تجديدات وازواق وابتكارات ناتجة عن فسح المجال أمام شيخ الملحون انطلاقا من التأكيد على حرية النظم والتطوير من داخل البنية العامة والأصيلة لقصيدة الملحون، انطلاقا من قولهم: "المَلحُونْ مَا امْقلد"، وانطلاقا من هذا التصور سنجد في (المرمة المثنية) على سبيل المثال، عددا كبيرا من (القياسات) أحصاها المرحوم محمد الفاسي في كتابه معلمة الملحون، وقس على هذا (المرمات) الأخرى فقط داخل بحر المبيت، وتظهر بعد ذلك بحور أخرى تنظم فيها القصيدة الملحونة، وهي:( مكسور الجناح والمشتب والسوسي)، زد على ذلك (اقياسات) (السرارب) التي أطلق عليها الحاج أحمد سهوم في كتابه الملحون المغربي اسم (أغنية الملحون)، فهذا الزخم الكبير من إيقاعات قصيدة الملحون هو تراكم ناتج عن رغبة شيخ الملحون في الخروج بنظمه من دوامة الرتابة، والتجديد والتطور الذي يفرضه عليه مواكبة أحداث مجتمعه في وقته، مما يدفع به نحو تناول قضايا جديدة تجعله يغير حتى شكل القصيدة انطلاقا من تلازمه مع المضمون.
وهكذا نخلص إلى أن كل مناداة بالتطور والتجديد في هذا الإطار، لابد وأن يصدر عن إلمام دقيق بمكونات الإبداع السابق ـ مبنى ومعنى ـ حتى تكون لهذه الثورة دلالة في الواقع، ولا تبدو الكتابة التي تضع نفسها بديلا ككتابة جاءت عن إعاقة وعدم قدرة على مواكبة الشكل الأصيل والكتابة فيه. 
إن ما يسمى اليوم بالزجل الحديث الذي يكتب من طرف شعراء اختاروا لغة الجماهير الشعبية وسيلة لنشر بوحهم، والذي لا شك في أننا نطرب لبعض شعرائه الذين لا تغيب عنهم الشاعرية، فأنا شخصيا أرى أنه بالإمكان تصنيفه إلى صنفين:
1/ صنف أصيل: يصدر عن تجارب زجلية سابقة كالملحون والعيطة والرباعيات والسلامات وغيرها، فهذا له أصل انحدر منه، ويشتغل على تطويره انطلاقا من تأصيله.
2/ وصنف محدث: ولا نجد له أصلا بل هو عبارة عن كتابات مغرقة في الغموض و(الرمزية) حتى كأنه عبارة عن طلاسم يعسر فكها من طرف المتلقي والمتابع الذي يبقى مشدوها أمام شطحات بعض الزجالين ممن خانتهم الأصالة والشاعرية وتوسلوا بالحداثة الفجة دون رؤية ولا تنظير، وهو نوع من الكتابة لا أحد يسعى إلى محاصرته أو الحد من انطلاقته، حيث الحكم عليه يبقى للمتلقي الذي يمكن أن يرفضه مع مر الزمن أو يقبله، لكن على الذين يكتبونه أن يعلموا بأنه تطور عن الزجل القديم الذي تعتبر قصيدة الملحون جزء منه، وهكذا فلا يمكن أن يكون ثورة على قصيدة الملحون ولا بديلا لها، ذلك أن له مقاصده وللقصيدة الملحونة مقاصدها البعيدة كليا عما يفكر فيه مبدعوا القصيدة الزجلية الحديثة. 
ملحوظة: نظرا لطول الموضوع، فقد تركت جانبا منه يتعلق بأسباب خفوث الاهتمام بقصيدة الملحون في وقتنا الراهن، والكيفية التي يمكن بواسطتها تجاوز هذه المعضلة إلى الجزء الثاني الذي سيأتي لاحقا بإذن الله تعالى، مع مودتي وتقديري للجميع.

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى